تشهد الساحة الاقتصادية الأمريكية مؤخرًا حالة من التباين بين المؤشرات، حيث أظهرت بيانات التوظيف لشهر يوليو ضعفًا ملحوظًا، إلى جانب مراجعات سلبية لرواتب شهري يونيو ومايو. هذه الأرقام أعادت إلى الواجهة المخاوف من تباطؤ الطلب على العمالة، خصوصًا في ظل السياسات المشددة على الهجرة. كما أشارت بيانات قطاع الخدمات إلى توقف شبه كامل في النمو، مع تراجع التوظيف وارتفاع الأسعار التي تدفعها الشركات إلى أعلى مستوياتها في ما يقرب من ثلاث سنوات، وهو ما يثير شبح الركود التضخمي الذي يجمع بين بطء النمو وارتفاع التضخم.
إقرأ ايضاً:انتقادات نارية.. أساطير الدوري الإنجليزي ينقلبون على محمد صلاح بشكل مفاجئ!iPhone Fold 2026: توقعات سعرية مرتفعة وتحذيرات من Jefferies بشأن الطلب المتوقع
الأسواق المالية تحافظ على تماسكها
رغم هذه المؤشرات السلبية، أظهرت أسواق الأسهم الأمريكية قدرة على التماسك واستعادة الخسائر بسرعة. فبعد التراجع الذي أعقب صدور بيانات الوظائف، ارتفع مؤشر S&P 500 مجددًا مدعومًا بأرباح قوية للشركات وحالة التفاؤل المحيطة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي. كما يعلق المستثمرون آمالهم على أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل بشهر سبتمبر، خاصة إذا استمرت مؤشرات تباطؤ سوق العمل في الظهور، مع بقاء معدلات التضخم أعلى من المستويات المستهدفة.
تحليل كابيتال إيكونوميكس لتوقعات النمو
أشارت تحليلات كابيتال إيكونوميكس إلى أن توقعات الأرباح لكل سهم في مؤشر S&P 500 على مدى 12 شهرًا قادمة تشير إلى أن معظم النمو يتركز في قطاعات التكنولوجيا الكبرى مثل تكنولوجيا المعلومات وخدمات الاتصالات، وهو ما يعود بدرجة كبيرة إلى الزخم حول الذكاء الاصطناعي. وفي الوقت نفسه، شهدت باقي قطاعات المؤشر نموًا بنسبة 8% منذ نهاية عام 2023، مما لا يعكس مؤشرات على ركود وشيك. كما أظهر أداء أسهم القطاعات الدورية والدفاعية مستويات قوية، وهو ما يفسره المحللون إما بكون المستثمرين أكثر تفاؤلًا من البيانات المتاحة، أو أن التوقعات الاقتصادية أفضل مما توحي به استطلاعات معهد إدارة التوريد.
تظهر هذه المعطيات أن المشهد الاقتصادي الأمريكي الحالي مليء بالتناقضات، بين بيانات توحي بتهديدات على النمو ومؤشرات أسواق تواصل إظهار الثقة. ويبدو أن حكم المستثمرين على مسار الاقتصاد لا يعتمد فقط على المؤشرات التقليدية، بل يتأثر أيضًا بالتوقعات المستقبلية والابتكارات التقنية التي تدفع عجلة بعض القطاعات بقوة.